شاركنا قصتك ›
هل تود مشاركتنا بتجربة إيجابية مررت بها خلال فترة رعايتك في مركز جونز هوبكنز الطبي؟
دخل راشد الخليوي، البالغ من العمر 15 عامًا، إلى مركز جونز هوبكنز أرامكو الطبي في الظهران بعد إصابته بحالة حرجة ناجمة عن السكري غير المُشخّص، وتبدو حكاية راشد مع السكري ملهمة وتبين كيف ساعده التشخيص والعلاج على استعادة ثقته بنفسه والعيش بكامل طاقته.
قبيل حلول شهر رمضان هذا العام، قرر راشد الخليوي، البالغ من العمر 15 عامًا، إجراء تغييرات إيجابية على نمط حياته، فبدأ بالتخفيف من تناول الوجبات السريعة والمشروبات الغازية، وشرع في ممارسة الجري ولعب كرة القدم، ما ساعده على فقدان الوزن بشكل ملحوظ.
يقول والده: "كنا نتوقع أن يخسر راشد بضع كيلوغرامات قبل شهر رمضان، لكنه خسر وزنًا أكثر بكثير مما توقعنا، وهو ما أسعدنا جداً، كونه نجح في تحقيق هدفه. لكننا تفاجأنا بسرعة وحجم التغيير الذي حدث في جسمه". في المقابل، لاحظت والدته وجود كمية كبيرة من زجاجات المياه في غرفة ابنها راشد. وعندما سألته عن كمية المياه التي يستهلكها يوميًا، أجاب بأنه يتناول ما بين 15 و20 زجاجة بسعة 330 مل يوميًا، الأمر الذي أثار قلقها ودفعها لحجز موعد له في مركز جونز هوبكنز أرامكو الطبي في الظهران.
في اليوم الأول من شهر رمضان، خضع راشد لفحوصات دم وبول، كشفت عن ارتفاع غير معتاد في مستوى السكر في دمه رغم صيامه، كما أظهرت الفحوصات أن دمه أصبح شديد الحموضة، إذ انخفضت درجة الحموضة من 7.45 – وهو المعدل الطبيعي – إلى 7.2، وهي نسبة خطيرة قد تؤدي إلى غيبوبة إن لم تُعالج بسرعة. وأظهرت التحاليل كذلك وجود كميات مرتفعة من الكيتونات في دمه وبوله، ما أدى إلى تشخيص حالته بالإصابة بـ "الحماض الكيتوني السكري"، وهي حالة خطيرة تهدد الحياة، وتحدث عندما لا يتمكن الجسم من إنتاج كميات كافية من الأنسولين، مما يدفعه إلى تكسير الدهون كمصدر بديل للطاقة، وينتج عن ذلك تراكم "أجسام الكيتون" الحمضية في الدم، مما يسبب مضاعفات شديدة إذا لم يتم التدخل الطبي العاجل لعلاجها.
وفي هذا السياق، أوضحت الدكتورة جمانة أمير، استشارية الغدد الصماء في مركز جونز هوبكنز أرامكو الطبي والمشرفة على علاج راشد، قائلة: " تتفاوت أعراض الحماض الكيتوني السكري من حالة إلى أخرى؛ فقد يعاني المريض من آلام في البطن أو شعور بالغثيان أو حتى التقيؤ. كما قد تظهر أعراض أخرى مثل العطش الشديد وكثرة التبول – كما حدث مع راشد – إضافة إلى الإحساس بالإرهاق أو الارتباك الذهني. وبغض النظر عن طبيعة الأعراض، فإن تأكيد التشخيص يستدعي تدخلاً سريعًا لبدء العلاج المناسب على الفور". ونوّهت إلى أن ظهور "الحماض الكيتوني السكري" بأعراض خفيفة فقط يُعد أمرًا نادر الحدوث، خاصة في حال عدم وجود تشخيص
سابق بداء السكري، مضيفة: "كان راشد محظوظًا بحدس والدته الذي أسهم في اكتشاف حالته في الوقت المناسب".
كانت حالة راشد تستوجب نقله الفوري إلى قسم الطوارئ، حيث حرص الدكتور عبد الذاكر محمد، استشاري طب الأسرة الذي تولى معاينته في وقت سابق من اليوم، على البقاء في المستشفى بعد انتهاء نوبته، لضمان إحاطة فريق الطوارئ بجميع تفاصيل حالته. وبمجرد وصول راشد، بدأ تلقي العلاج بالأنسولين والسوائل الوريدية والأوكسجين، ثم نُقل إلى وحدة العناية المركزة، حيث خضع لمتابعة دقيقة لمستويات السكر والبوتاسيوم والكيتونات ودرجة حموضة الدم بهدف معالجة الحماض الكيتوني وضمان استقرار حالته الصحية.
يقول والد بدر: "كانت زوجتي في حالة من القلق الشديد؛ فـراشد هو ابننا الأكبر، ورؤيته في تلك الحالة داخل المستشفى كان أمرًا مؤلمًا لها. لكن تعامل الأطباء والممرضين معها، وحرصهم على طمأنتها، أحدث فرقًا كبيرًا. فقد أكدوا لها أن راشد سيتمكن من عيش حياة طبيعية، خاصة في ظل توفر تقنيات حديثة تساعده على التكيّف مع حالته". ويضيف: "كان طاقم التمريض رائعًا أيضًا مع راشد. ففي إحدى الليالي، وبينما كانت زوجتي منهكة وتغط في نوم عميق، بقي راشد مستيقظًا ويشعر بالملل، وكان يلعب بهاتفه حتى فرغت بطاريته. عندها، أحضرت له إحدى الممرضات شاحن، وجلست تتحدث معه أثناء شحن الهاتف، وتبادلا الحديث طويلًا عن أحلامه المستقبلية، والمهنة التي يطمح إليها، والفرق الرياضية التي يشجعها". وتابع: "طمأن الفريق الطبي راشد وأكدوا له إمكانية السيطرة على حالته الصحية، وذكروا له أنهم عالجوا حالات مشابهة من قبل، كما أخبروه عن رياضيين بارزين مصابين بالسكري، مثل ناتشو، مدافع ريال مدريد السابق. وبعد ذلك، أخبرني راشد عن مدى لطفهم، وكم كان الحديث معهم مطمئنًا". واختتم قائلاً:
العمل الجماعي لفريق الرعاية لم يقتصر على التعامل مع حالة طبية حرجة، بل منحنا شعورًا حقيقيًا بالأمل والاطمئنان. وبفضل استجابتهم السريعة وتعاملهم الإنساني، بدأ ابني يتعافى ويتعلم كيفية التكيف مع حالته الصحية بشكل فعّال".
أمضى راشد أربعة أيام في المستشفى، ويصف هذه الفترة بأنها "تجربة إيجابية غيّرت نظرته تجاه الصحة"، مؤكدًا أنه يشعر الآن بأنه "في حالة ممتازة" ويستمتع بالحياة بكل تفاصيلها. ويقول: "عندما شخصت إصابتي بمرض السكري، شعرت بالقلق، وراودني بعض الإحباط أثناء وجودي في المستشفى. لكن سرعان ما تلاشت تلك المخاوف بعدما أدركت إمكانية التحكم في المرض، وأنها لا تتطلب الكثير من التعقيد. واليوم، أنا أعيش حياتي بشكل طبيعي وأمارس رياضة كرة القدم وأخرج لتناول الطعام مع أصدقائي دون أن أشعر بأي قيود".
يرتدي راشد اليوم جهازًا للمراقبة المستمرة للسكر، يتيح له متابعة مستوياته عبر هاتفه المتحرك دون الحاجة إلى إجراء التحليل بطريقة وخز الإصبع التقليدية. كما يحرص على زيارة أخصائية التغذية والطبيبة المتخصصة بالسكري في مركز جونز هوبكنز أرامكو الطبي بانتظام، لمراجعة خطة العلاج الغذائي وبرنامج الإنسولين. ويقول: "يؤكدون لي أن بإمكاني تناول معظم الأطعمة التي أحبها، فالأمر كله يتعلق بحساب الجرعة المناسبة من الإنسولين". ويضيف: "أتدرب في صالة الألعاب الرياضية ستة أيام في الأسبوع، وأخضع لتدريب في رفع الأثقال، بالإضافة إلى ممارستي السباحة وكرة القدم"، مشيرًا إلى أنه تعلّم
أن مرض السكري لا يشكل عائقًا أمام تحقيق أي هدف
من جهتها، أوضحت الدكتورة تسنيم الأقزم، استشارية طب الأسرة التي شاركت في علاج راشد، أن تفاعل المراهقين مع تشخيص مرض السكري يختلف من شخص لآخر. وقالت: " بعض المراهقين لا يُبدون اهتمامًا كافيًا بحالتهم الصحية، ما يضاعف من احتمالات حدوث مضاعفات ويُشكّل عبئًا إضافيًا على الأسرة. في المقابل، قد يشعر البعض بالإحباط ظنًا بأنهم لن يتمكنوا من عيش حياة طبيعية أو ممارسة أنشطتهم المفضلة". وأضافت: " لكننا نصادف أحيانًا حالات استثنائية مثل راشد، الذي أحدث تحولًا جذريًا في نمط حياته، واتبع كل التوصيات الطبية لتحسين صحته. لقد كان من الملهم متابعته وهو يستعيد صحته ويتعافى بعد مغادرته المستشفى".